تنمية ذاتية

علامة الانسان المتمدن ان يشك في مسلماته الأولية

لطالما كانت العادات والتقاليد هي من تحكم الشعوب في السابق. بل حتى إن العصور أو الأجيال اللاحقة كانت تتبع ما تجد عليه مجتمعها أو قبيلتها باعتباره من المسلمات التي لا يجوز العبث بها أو تغييرها بأي شكل من الأشكال، أو حتى الشك بها واعتبارها حقيقة مطلقة غير قابلة للتغيير. هذا الأمر الذي خلق صراعات شديدة ومشاكل عميقة خاصةً على مستوى تطور المجتمعات إذ بقيت حبيسة محيطها مما أدى إلى التخلف وعدم الازدهار. وبطبيعة الحال هذا الأمر خاطئ، وعلى كافة المقاييس. مما دفع العديد من الكتاب والمشاهير إلى نشر مقولات تدعو إلى تغيير هذه العقلية. ومن أبرزها العبارة الشهيرة: “علامة الانسان المتمدن ان يشك في مسلماته الأولية”. هذه المقولة الشهيرة هي لأوليفر وندل هولمز. فما الذي قصده أوليفر وراء هذه الكلمات؟ ما المعنى والمغزى منها؟ وما الرسالة التي يحاول إيصالها لنا؟ كل هذا سوف نجيب عنه خلال قادم فقراتنا فابق معنا للاستفادة.

الطموح في التغيير رغبة لابد منها

إن الشعوب والمجتمعات تتقدم بسبب طموحاتها وتحقيقها للأهداف التي تصبو لها. وهذا الأمر غير ممكن العمل به ما دمنا متمسكين تماماً وكلياً بالماضي وبالمسلمات الأولية التي اعتقد بها من هم قبلنا.

بل إن من علامات الإنسان المتمدن والسوي السعي للتغيير نحو ما هو أفضل. وإلا لن يكون للحياة معنى حينها، بل ستبقى المجتمعات والإنسان حبيس ما نقله له من قبل أولئك الذين عاشوا من قبلنا.

وهذا الأمر شامل، أي على مستوى كافة المجالات على الخصوص المجال العلمي، الذي له الأثر الأكبر في تحديد قيمة الإنسان ومجتمعه فلا مدنية دون علم وتغيير وأهداف لتحقيقها.

لهذا على الانسان ولكي يكون حضارياً ومتمدناً أن يطرح التساؤلات بشكل مستمر في كل ما نقله إليه من قبل الأجيال التي مضت للاطلاع على صحة ما نقله له، وأيضا العمل على تصحيحه إن كان خاطئاً أو النهوض به وتطويره إن كان صحيحاً. وبهذا الأمر يغدو الإنسان متمدناً وحضارياً يستطيع أن يكون فاعلاً في مجتمعه بشكل إيجابي.

أما التمسك بما هو ماضي دون رغبة في تغييره نحو الأفضل هو سبب تخلف الإنسان وجهله. لأن الإنسان ذو الطبع الرجعي لا يقبل تغيير ما ألفه أو وجد عليه أباءه. لذا على الإنسان أن يتكيف مع ما هو صالح للإنسان عمومًا، ويحاول ما أمكن تطوير ما حوله. فبهذا تكبر المجتمعات وتغدو عظيمة وذات شأن. وإلا فإننا سوف نقبع في غياهب الجهل والمسلمات بغض النظر عن ما إن كانت صحيحة أم خاطئة.

اقرأ أيضا: (ليس العار في أن نسقط ولكن العار ألا نستطيع النهوض)

الشك هو السبيل المثالي للتطور

لطالما حرص كبار العلماء والفلاسفة على التشديد والتأكيد عن مدى قيمة الشك. هذا العنصر الذي يبدو للآخرين غير رائع بينما في الحقيقة نجد أنه لولا الشك لما تطور الإنسان.

بل كان قد أخذ كل ما وصل إليه وإخباره أنه الحقيقة دون أن يبحث. لهذا علينا أن نعي تماماً مدى قيمة الشك العظيمة فهي من تجعلنا نصل إلى حقيقة الأشياء وجوهرها. وما يدفعنا أيضاً إلى الرغبة في التغيير هو معرفة مكامن الخطأ بواسطة الشك. مما ينمي لدى الإنسان السوي والمتمدن الرغبة في تغيير المسلمات الخاطئة وتطوير تلك الناقصة.

ونجد أن هذا الأمر في الجانب الديني أيضاً. إذ نجد الشرائع جميعها تدعو للتعلم وللبحث وللتطور حيث أنه السبيل الأمثل لخلق مجتمعات قوية ومتطورة وذات رؤية وأهداف. على عكس المجتمعات التي تأخذ بما صنعه الآخر أو أوصله لها مخبراً إياها أنه الأصح.

إذ نجد أغلب هذه المجتمعات تجني الجهل والتخلف، وتنتج أناسا مناهضين لكل ما هو جديد يعدونه دخيلاً عليهم.

كل هذه الأشياء تثبت أن مقولة “علامة الانسان المتمدن ان يشك في مسلماته الأولية” هي مقولة حقيقية ويجب الأخذ بها حتماً.

مشاركة:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى